مكالمة آخر الليل







أقفلت التليفون بحدة و عصبية ..
امتلأت عيناها بالدموع .. 
أخفت وجهها بين كفيها بالرغم من أنها كانت وحدها بالحجرة ..
كم تكره "الخناق" معه ..
ربما أخطأت بعض الشئ... لكن لا شئ يبرر كل هذه العصبية التي لا داعي لها ..
الكثير من الدراما و تبادل الاتهامات بزوال الحب أو نقصانه .. 
كلاهما مرهق حتي النخاع .. و مضغوط ..
و مع قلة النوم و الحر .. توليفة متينة لخناقة عظيمة بينها و بينه علي شئ بالنسبة لها تافه ..
و بالنسبة له .. ربما يكتشف أنه تافه حين يستيقظ في اليوم التالي .. 
قامت من مكانها في غيظ مكتوم ..
أكثر ما أثار حنقها أنه أقفل معها لينام ..
انقبض قلبها في ألم ..
كيف ينام دون أن يكلمها و يصالحها ..
كيف هان عليه أن تبيت بدموعها حتي الصباح ..
حسنا .. هو أراد الأمر كذلك .. ليكن 
ستذهب لتنام ايضا .. 
و ستغلق تليفونها .. و لن تكلمه ..
لن تضعف مثل كل مرة ..
 أغلقت التليفون و اسودت شاشته ..
أقفلت النور و اندست تحت أغطية السرير ..
مازالت تستعيد كلماته و كلماتها الحمقاء المنفعلة ..
نظرت للتليفون الملقي بجانبها .. 
ماذا لو كان أخبرها أنه سينام لأنه كان غاضب فقط ..!
لكنه في الحقيقة لم ينم ابدا ..
و ربما اراد أن يكلمها و وجد تليفونها مغلق و سيجن جنونه و يعند أكثر ..
فتحت تليفونها مرة أخري بهذه الحجة ..
تقلبت في السرير مولية إياه ظهرها ..  
كلما تذكرت حماقتهما كلما شعرت أن الامر لم يكن يستحق ..
ربما لو كانا تحدثا في توقيت أكثر راحة لهما .. كان الأمر سيختلف حتما ..
تذكرت الظروف التي يمران بها .. هو مضغوط ..
و هي أيضا مضغوطة ..
لكن ..
لا تدري ..
لا يهون عليها أن تتركه ينام غاضب .. أو لا ينام علي الاطلاق من شدة حزنه من كلماتها الغاضبة ..
برغم كل شئ .. حبيبها .. لا يجب أن تكون مصدر ضغط إضافي عليه .. أو سبب زائد من اسباب تكدير عيشته .. و هي التي يلجأ إليها و يبحث عن حنانها ....
حن قلبها رغما عنها ..
لا بالتأكيد لم ينم .. اكيد لم يهن عليه .. لكنه الكبرياء الذي يأبي عليه الاتصال ..
تناولت التليفون و طلبت رقمه ..
رد عليها من وراء عالم الأحلام ..
في صدمة همست .. 
"أنت نائم ؟؟"
كان نائما فعلا .. بعمق ..
ظلت صامتة بعض الشئ و هو يتمتم بكلمات متفرقة في وهن ..
و بهدوء أقفلت ..
ظلت محدقة في السقف .. ثم أغمضت عينيها ..
و حاولت أن تنام ..

في الصباح التالي اتصل بها .. كان يخبرها بأمر عاجل .. فلم يتسني لهما الحديث عما حدث البارحة .. 
و هي لم تتحدث في الموضوع ابدا .. ولم تبد له اي غضب أو  "زعل"  ..

في المساء حين تحدثا مجددا .. سألها متعجبا في حذر ..
" أنت مش كنتي زعلانة مني .. ؟؟ "
بابتسامة هادئة ردت ..
"لا يا حبيبي .. أنا مقدرش ازعل منك .."
"أمال ليه مكلمتنيش تاني بعد ما قفلنا امبارح؟؟"
"كلمتك يا حبيبي و انت كنت نايم .. " 
هو بالفعل لا يذكر .. كان نائما بعمق ..
ابتسمت و هي تتذكر مكالمة آخر الليل ..
كان نائما فعلا ..حين تمتم من قلبه دون وعي ..
حبيبتي .. 
 زعلانة .. انتي ..
أنا مقدرش .. 
والله ..
حقك عليا .. 
أنا بحبك ..
 




الكاتبه || هـنـد حنفى ||

اترك خلفك كل شئ .. و اسمح لخيالك أن يتنفس .. اغلق عينيك .. تجاهل صخب الحياة .. احلم و ابدع و ابتكر .. و عش "هندي" .. من عالم آخر .. أنا هندية .. هند حنفي