أتعتقدون أنكم تعرفون ما الحب .. ؟





أتعتقدون أنكم تعرفون ما الحب .. ؟ !

أحمق من يحسب أنه يعرف الحب و جوهره ..

انما الحب حقا .. تلك الرعشة التي تهز كياننا في لحظة مفاجئة بصدمة أنا لا نعرف و لم نعرف قبلا ما هو الحب ..

تلك الطاقة النورانية الشفافة التي تطهر أعماقنا و تزلزل كياننا ..

تُخلق منا و فينا .. فتُسبغ علينا نقاء لم نعهده في أنفسنا ..

محبة حقيقية .. عميقة .. متأصلة ..

لا تهتز فيها شعرة و لو قوبلت بجبال من حزن و هموم ..

محبة لا تبحث عن مقابل ..

سكن و حضن دافئ لا يريد إلا أن يحضر ساكنه ليطمئن فيه ..

 اطمئنانه و راحته غاية تسمو علي كل غاية ..

تسامح لا حد له ..

تسامح لم نعده في أنفسنا ..

لم نعرفه من قبل ..

لم نظن استطاعتنا اتيانه ..

تسامح حقيقي ..

حتي تظن بنفسك أنك تتمني لو تُقبل طرف الحبيب و إن أساء عل إساءته لك عكرت صفوه ..

محبة جارفة ..

لهفة لا تنطفئ نيرانها ..

شوق لا يرتوي ..

يزداد بالقرب عطشا علي عطش ..

فهو النبع الذي يرده الصادي ناهلا من عذبه ..

فيجد قلبه يرتوي و لا يرتوي ..

يرتوي ببرد و سلام علي قلبه ..

و لا يرتوي بطمع في أعمار علي عمره يظل ينهل فيها من حلاوة القرب ..

و يعطي فيها بلا انقطاع مزيدا من القرب .. مزيدا من الدفء ..

 من الحب ..

هو العطاء .. ثم العطاء .. ثم العطاء ..

عطاء لا يبحث إلا عن ابتسامة رضا ..

و تنهيدة راحة ..

تدفعنا لمزيد من العطاء .. و الحنو ..

تلهمنا سكينة و طمأنينة ..

تجعلنا ودا لا ينقطع ...

و دفئا لا يبرد ..

ستعرفون الحب ..

حين توقنوا أنكم لم تعرفوه بعد ...

الأسرار






إن أكثر ما يرهقنا و يمتص أعصابنا هي الأسرار ..

تلك المكنونات الساكنة في أعماقنا ...

التي كثيرا ما تحكم و تتحكم فينا و التي بسببها ننعت بالجنون و الغباء و عدم الفهم ...

و نحن في داخلنا نرثي لحالنا من الفهم و عدم قدرتنا علي الافهام ...

انها التعبير الأقوي عن خصوصيتنا و تفردنا ..

و هي اللغز الأصعب الذي لا حل مريح له ..

إن نحن كتمناها تعذبنا بوطئتها و أثقلنا بهمومها وحدنا... فالبشر مهما ادعوا العكس دائما تواقون للمشاركة الانسانية ...

و إن نحن أذعناها فقدنا جزءا من ذاتنا و كياننا الذي تفرد بها و تميز داخله..

و إن هي أذيعت رغما عنا و اُكتشفت ..

فهي العراء وسط من حولنا الذين مازالوا يحتفظون بأسرارهم  ...

و لكن تظل رحمة الله غالبة أن جعل علمه للسر و العلن ..

أن نفذت بصيرته لأعماق قلوبنا علما تاما بما يخالجنا دون أن نضطر لأي من الحلول الصعبة ..

فيكون لطفه و وده سكينة تخفف عنا ثقل الأسرار و وطئتها ..

و ستره علينا حفاظا علي خصوصية أنفسنا و حرية تامة أن نحتفظ بما شئنا ، بل و امتياز أعلي أن نعلم أن مالك الملك عالم و مطلع  ..

الحمد لله علي نعمة وجود الله و علمنا به ..

اللهم خفف عنا ثقل أسرارنا و استرنا و حقق ما تصبو إليه أنفسنا و أنت أعلم بنا من أنفسنا ..

سبحانك يا رحيم ..

مجنون بيكي






عاقدا حاجبيه .. غاضب ..
بلونه الأسمر و طوله الفارع و عروقه النابضة في معصميه من العصبية ..
لوح في وجهها باصبعه مهددا ..

أنت لم تعودي تحبينني مثلما كنتي "

بارتياع في عينيها حاولت أن تنفي ..
فأسكتها باشارته ..

أنت لا تهتمين بي .. لم أعد أعني لك شيئا"
حاولت أن تتكلم و لكن أمام طوفان اجتياحه لم تستطع و هو يكمل ..

أنا أحبك .. و أنت ..
أنت .. لا تحتملينني .. لا تحتوين قلقي و ضغوط نفسي .. "
 بكل العجب في نفسها تمتمت ..
و ماذا عن الآن ! "

سمعها فارتفع صوته أكثر ..
الآن .. لا .. لا .. لا تتكلمي عن الآن ..
أنا بنفسي فوق ما يستطيع بشر احتماله ..
أنا تعبت من هذه الحياة ..
أتحاسبينني حتي علي صرخاتي هذه أنفث بها عن نفسي .. "

بصوت حزين ضعيف ..
لا يا حبيبي لا أحاسبك .. و لكن اهدأ قليلا "

لن أهدأ .. لن أهدأ .. أنا انفعل مثلما يحلو لي .. وقتما يحلو لي .."

بللت الدموع مقلتيها و انسلت قطرة علي وجنتها ..
فحدق فيها بنظرة وجلة مترقبة ..
و بصوت منخفض قال ..
لم تبكين الآن .. ؟"
لم ترد ..
دمعة أخري سالت عليها ..
بصوت أكثر همسا ..
لا تبكي .. دموعك تقتلني ..
أنا لم أقصد .. أنا منفعل .. غاضب من كل شئ في الحياة .."

اقترب منها أكثر و لف ذراعيه حولها و هي ساكنة ..
ليس لي سواك .. أنفث فيه عن كربي ..
لا تقتليني باخفاقي أن أبقي ابتسامتك ..
و جرمي أن أبكيتك .. "

احتضنته فاختبأ برأسه في حضنها هامسا ..
أنا طفلك الأخرق .. سامحيني أن أبكيتك "
ابتمست ابتسامة صغيرة ..
"تعرف أني مسامحة علي كل شئ .. حدث و سيحدث .. "
أعرف "
و تعرف أنك مجنون أيضا ؟ "
أعرف ..
مجنون .. بيكي "

راقصة







حملت الصندوق الصغير و بنفخة خفيفة أطارت ما عليه من أتربة و هي تتأمله مبتسمة. ..
مرت علي سطحه بحنان و كأنما افتقدته طيلة سنوات طويلة قبع فيها في قاع دولابها ..
بمفتاح صغير فتحت قفله الذي طاله الصدأ، أرجعت غطاءه للوراء و اتسعت ابتسامتها و هي تتأمل أسرارها التي كانت تعدها أسرارا و أقفلت عليها بمفتاح...

أوتوجراف ممتلئ بتمنيات بريئة كتبت بخط أشبه بنتش الفراخ من صديقات عمرها ..
ورقات من هنا و هناك .. قصقصتها من كراساتها .. تحمل ضحكات و رسائل كن يتبادلنها خلسة من وراء المدرسين حين يفرضون حظر تجول و يمنعون الكلام ...

ثم في آخر القاع حيث أعمق أسرارها .. ورقة بالية من باكورة مراهقتها رسمت فيها قلوب حمراء كثيرة .. و بخط منمنم...
 " أعرف أني سأراك يوما يا حبيبي و ستعرفني .. أنا حبيبتك التي انتظرتك كثيرا .. و يومها سأعطيك قلبي الذي احتفظت به لك وحدك"

ثم امضاء في آخر الصفحة ..
 "فرحة"  

ابتسامة مليئة بالكثير من الشجن احتلت شفتيها ..
تأملت الورقة لحظات ثم نظرت إلي دبلة الزواج المستقرة في اصبعها ...

كم من لحظات نضيعها في انتظار ما لا يأتي ... و كم من خيبات أمل نتجرعها ...
لم يكن زوجها سيئا .. طيب ، هادئ الطبع ، محترم ..
و لكن ..

كان بعيدا عما وقر في نفسها من تمنيات .. كان بطبعه شئ من البرود و التصرفات التقليدية ..
لم يستطع أن يروي احتياجها الجارف للحنان و المشاعر الدافئة ..
و هي صاحبة المشاعر الفياضة ..

لم يداعب الطفلة في أعماقها و يلاطفها...
لم تشعر بتلقائيته معها .. فهو انسان تقليدي محافظ بطبعه ..
حاولت أن تعتاد علي ذلك و لم تستطع أن تغيره لما فيها من خجل مفرط بنفسها يمنعها عن أن تطلب منه أكثر مما يقدمه ..

ذكرها ذلك بنصيحة صديقة لها من يومين حين أفضت لها ببعض مكنونات صدرها ..
ألحت عليها أن تتجرأ عن ذلك و ألا تترك للخجل مجالا .. عليها أن تتصرف معه بدلع و شغف الأطفال لكي تحرك تلقائيته ..
أن تتحرر من كل القيود و تترك لأنوثتها أن تستدعي حنانه و مشاعره ..

تنهدت في حيرة و أغلقت الصندوق و قامت لتعيده مكانه ..
فشاغلها في الدولاب .. ايشارب أحمر جميل تتدلي منه عملات ذهبية كثيرة تصنع أصواتا عالية ..
ابتسمت ابتسامة واسعة حيية و قد واتتها فكرة ..

تناولت الايشارب ثم فتحت باب الحجرة بهدوء و نظرت فوجدت زوجها جالس في الصالون يقرأ ..
مشت نحوه بخفة ثم من وراءه طبعت قبلة علي خده ..
نظر لها بتعجب و هو لم يعتد منها ذلك ..
تجاهلت نظرته لئلا يثنيها خجلها عما تنوي ..

ضغطت باصبعها علي زر الكاسيت .. قلبت قليلا حتي وجدت أغنية راقصة ..
لفت الايشارب حول وسطها ..
ثم قالت ..
"أنت لم ترني أرقص أبدا "

 ثم بدأت تتمايل مع النغمات و تندمج مع طبلتها الصاخبة و قد شارك الايشارب برناته في جوها المبهج ...
 و رويدا .. رويدا .. صارت حركاتها أكثر انسيابية و جرأة ..
و شاركت ابتسامتها الفاتنة في اكتمال رقصها رقصا جميلا متقنا ..

نظرت إليه و هي تنتظر أن تقطف نظرات الاعجاب من عينيه ..
فإذا به يحدق فيها بجمود و قد رفع أحد حاجبيه إلي أقصاه ..
توقفت عن الرقص و قد استعجبت ردة فعله ...
فقال ...

أين تعلمت الرقص هكذا ...
تمتمت في ذهول ..
لم أتعلم ..! أنا ..
قاطعها بصوت خشن صارم النبرة ..
أنا كنت أحسبك حيية .. و لهذا اخترتك من بين كل من رأيتهن .. و لكن يبدو أن كلكن واحد ..

ثم أولاها ظهره و هو يقول ...
لا أريد هذه المسخرة مرة أخري في بيتي ...

ظلت تحدق في ظهره العريض المنصرف أمامها ..
و دون أن تشعر ..
حلت الايشارب الأحمر المعقود ..
 ألقته علي الأرض ..
و ألقت نفسها بجواره ..
تلملم بقايا خيبات الأمل ..



 

واحدة بتدخن







ما أول ما يتبادر إلي ذهنك حين تري فتاة تمسك سيجارة و تنفخ دخانها في الهواء أو تلتقط أنفاسا من مبسم الشيشة ...

أكاد أراهن أن معظم من قرأوا هذه الجملة الآن امتعضوا علي الأقل إن لم يصل بعضهم إلي درجة الاشمئزاز!

و لكني كل ما أفكر فيه سؤال يلح علي باطراد ...

أموووووووووت و أعرف ، لماذا نعتبر المرأة المدخنة مثال سئ بينما الرجل المدخن شئ عادي .. و أحيانا شئ جميل يضفي عليه قوة و خشونة ..

الرجال المدخنون يعتبرون التدخين تعبير عن مزاجهم الخاص و حريتهم أن يحرقوا صدورهم و نقودهم بدلا من أن يحرقوا اعصابهم و هم ينفثون ضغوط الحياة مع السيجارة ...

ممم إذن الفتاة ليس لها الحق أن يكون لها مزاجها الخاص و حريتها أن تنفث ضغوط الحياة ... !

أعود فأفكر ... لا .. مخطئة .. السجائر مضرة في كل الاحوال بل البعض حرمها لما فيها من اهلاك للنفس ..
مممم إذن هي مهلكة للفتاة فقط و الرجل ممم يعني .. مهلكة .. ماشي .. لكن ندعوا له بالهدي فقط و نحترم اختياره .. أما الفتاة التي تدخن فعقابها الازدراء...

ممم لا ، لا ، يمكن لأن الفتاة لابد و أن تبدو مؤدبة حيية و منظر السيجارة يتنافي مع ذلك و يسبغ عليها خشونة ..
أتفق أنه يسبغ عليها خشونة غير مستحبة و لكن .. "خشونة" .. و ليس قلة أدب ..

أنا لا أشجع علي التدخين و أعترف أني أنا نفسي أمتعض من منظر الفتاة التي تدخن و لكن هذا الاحساس المجتمعي الذي ينعكس في نفسي غير صحيح و لا يجب أن يكون ..

أنا مخطئة إذن .. إذا امتعضت من "واحدة بتدخن" .. و تعاملت بشكل عادي مع "واحد بيدخن"

لابد و أن يأخذ المجتمع موقف واحد من الجميع رجالا و نساء فيبقي كله عادي و إما أن يكون كله مزدري ..
أما هذه التفرقة التي لا محل لها من الاعراب سوي التفرقة علي أساس الجنس .. فإني لا افهمها إلا تمسك بمظاهر بالية لا تكشف عما وراءها من مضمون!

سأغلق تليفوني






قالتها بهدوء ...
" سأغلقه ... سأطفئ تليفوني .. سأغلقه"

أقفلت و فكرت ..
سأغلق تليفوني و أسكره ...
سأحطم شاشته و أحرقه..

كل لا أظل علي انتظار لا يكل و لا يمل لشاشة تنطق باسمه ..
كي لا يعلق قلبي بين جوانحي .. منتظرا بين الفينة و الأخري أن يدق دقة ليدق معه ..
كي لا ينقطع به الأمل فييأس و يتوقف بعدما لم يعد موجودا ما يعيش لأجله...

سأطفئه ..
حتي أظل أقول .. لقد اتصل
حتي أظل متشبثة بخيط الأمل
بوهن الظن و لعل ..

سأطفئه ..
ضغطة واحدة باصبعي ..
ليس الأمر سهلا .. أعني صعبا
و لا خارقا و لا مستحيلا ..
مستحيل ...

سأطفئه ..
أخبرته أني سأطفئه ...
و قد كنت وددت لو تشبث بي قليلا ..
و ألح علي ألا أطفئه ..
لكنت تشبثت أنا بإلحاحه ..
و لو قليل ..
و ما سمحت لاصبعي أبدا أن يطفئه ..

سأطفئه..
بدت كطفلة عيناها بالدمع تائهتان ..
و هي ترقبه ..
علها أوحشته الآن سيتصل ..

أضاءت الشاشة فالتقطته بلهفة ...
"بطارية فارغة"

تساقطت تلك الدموع التي كانت معلقة علي رموشها ..
و لهذا كنت سأطفئه ..

التقطته بأصابع مرعوشة و أوصلته بالكهرباء ..
لم تستطع ككل مرة ..
أن تطفئه ..
ادعاء فارغ و كلمات في الهواء ..
سأبقيه فقط بعيدا ..
كي لا أكلمه ...

ثقافة المسلمات





مبدأن ينغصان عليّ عيشي و أحدهما ينبع من الآخر ..
ثقافة المسلمات و عدم تقبل الآخر ..
إن معظم الناس تتخذ مما تربّت عليه و ترسّخ في وجدانها أمر مسلم به و من يخالفه قد خالف الصواب و الحق و من هنا يبدأ عدم تقبل الآخر ..
فكل من يخالف مسلماتك هو بلا منطق لأن مسلماتك هي المنطق...
 في حين أن المنطق في حد ذاته يفرض عليك أن تبحث في أصل كل شئ و ألا تفترض بادئ ذي بدء أية مسلمات ...
إننا لو قضينا العمر كله نخدم آبائنا و أمهاتنا شكرا لمجهوداتهم الجبارة في تربيتنا و تعليمنا ما كفيناهم حقهم ... و لكن ذلك لا يعني أن كل ما تلقيناه منهم صواب ..
إن أهالينا بشر مثلنا يخطئون أحيانا و يصيبون أحيانا ...
كانوا يوما مثلنا شباب لديهم أفكارهم الخاصة، ثم تزوجوا و أنجبونا، ثم طبقوا علينا تلك الأفكار التي نتجت عن تفكيرهم ..
إذن فالعملية بأكملها تقوم علي التفكير أولا و أخيرا و من غير المعقول أن نعتبر أن نتاج عقل مخلوق ما هو الصواب دون البحث وراءه و النظر في أصله و أن نعتبره أمرا مسلما به لمجرد أن شخصا بعينه فكر فيه ...
أفكرت يوما لو كان أباك رجل آخر أكثر تفتحا أو تشددا و انغلاقا .. كانت أفكارك ستتعدل بالتبعية تبعا لاتجاهه الذي كنت ستتجرعه طيلة سنوات تربيتك ...
حسنا... إذا كانت لا توجد مسلمات .. فلا يمكن أن يسير المنطق بلا نقطة بداية أو خريطة ما تضع لنا اشارات حول الطريق الحق ...
و هنا يأتي وجود الله و حقيقة الموت .. الأمر الوحيد المسلم بوجوده بلا جدال لدي المؤمنين ..
إذن فالمعيار الفاصل و النقطة الفارقة هي ما يريده الله و ما كتبه عليك لأن الله هو الوحيد الكامل بلا خطأ .. المنزه عن العبث .. الحكيم العليم الذي لا يخفي عليه شئ في الأرض و لا في السماء ..
هنا تأتي المشكلة الاكبر .. البحث عما يريده الله ...
فنجد أنفسنا نعود مرة أخري لثقافة مسلمات أشد عنفا و تعنتا في الدين..  ينتج عنه ليس مجرد عدم تقبل للآخر و لكن مهاجمة للآخر و تصفيته معنويا و اتهامه بالبعد عن الله و هو أمر لو كان المهاجِم مؤمن لعلم أنه لا يعلمه إلا الله ...
و من أين يأتي هؤلاء بمسلمات الدين .. ؟
من الشيوخ أو .. المسمون كذلك ..
و من أين أتي هؤلاء الشيوخ بمسلماتهم التي فرضوها علينا ..؟
 من فهمهم للدين ..
مجددا .. نتشرب مسلمات لمجرد أن أمر ما نتج عن تفكير عقولهم في دين واسع... 
المتفق عليه فيه نقطة في بحر المختلف فيه .. 
و الاختلاف رحمة الله في الأرض ..
لا، لن نفتي في الدين من عند أنفسنا .. و لن نتبع عقولنا و فقط لأن الدين لا يؤخذ بالهوي .. علينا أن نتعب و نبحث و نستقصي الحق حتي نجد الرأي الذي يتوافق و فطرتنا .. الذي يتوافق و ظننا بعدل الله و حكمته التي نفتش عنها في كل شئ ...


و لكن أرجوكم لا تفرضوا علينا رأي واحد ضمن عشرات الآراء و تخبرونا أنه الصواب .. ربما يا أخي جانبك الصواب في ترجيح رأي عن رأي ..

قل رأيك و لكن لا تقل إن هذا هو قول الله ..
لازال أمامي الكثير لأتعلمه .. و الأكثر لأفكر فيه ..
و إن كنت تعلمت شيئا حتي الآن .. فهو أن الصدق في البحث عن الله .. هو مفتاح الطريق إلي الله ...

.... تفكروا يا أولي الالباب.

حلم أم حقيقة!






وقفت في الشرفة و سكون الليل يلف المكان و القمر قد اكتمل بدراً و أرسل ضوء فضي خلاب انعكس علي ملامح وجهها الرقيقة القلقة ، و أخذت عيناها الصافيتان تجوبان الشارع ذهاباً و إياباً و خلف صفائهما ترقُب الخائف و قلق المنتظر ....

تنهيدة حارة من أعماقها خرجت من بين شفتيها و حملت معها بعضاً من أسرار ألم الخوف و الوحدة و لهيبهما....

انقبضت أصابعها برفق و كأنها تحتضن كفها المتلهف ... المشتاق إلي لمسة يده و ضغطة أصابعه القوية الرفيقة .

تنهيدة أخري أقوي انتزعت بها نفسها إلي الداخل تاركة مكانها الذي تقف به منذ ساعات ... .

" لن يأتي الليلة "

قالتها في همس خفيض و هي تعلم ذلك علم اليقين ، لكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من الانتظار ....

لم تحملها قدماها إلي أبعد من أريكة قريبة من الشرفة ، جلست عليها في وهن و وضعت يدها علي قلبها و أخذت تمسح عليه في حنان و كأنها تحاول أن تٌسكن ألم الشوق الذي يئن بين الضلوع و رفعت قدميها عن الأرض و استلقت متكورة علي الأريكة كطفلة صغيرة تائهة وحدها في عالم كبير .... .

لم تدر كم مر عليها من الوقت و هي علي هذه الحالة ، و لكن خيل إليها أنها سمعت تكة المفتاح .... لم تفتح عيناها و كأنها تتقي ألم خيبة أملها مما يصوره الخيال ... .

هنيهة ... ثم شعرت بأصابع تتخلل خصلات شعرها في رقة و أنفاس حارة قريبة من وجهها ، فتحت عينيها ببطء و نظرت من بين أهدابها متطلعة في فضول أقرب إلي فضول الأطفال ....

أشرقت ابتسامته أمام عينيها ، فارتفع حاجبيها في تأثر و بصوت مبحوح من الانفعال أرادت أن تقول كل كلمات الحب و اللهفة ...

تسارعت الكلمات و تزاحمت الحروف و ذابت .. علي طرف شفتيها فلم يخرج منها سوي تنهيدة حارة حملت كل ما يعتمل بصدرها من مشاعر ...

" أوحشتني "

همس بها في أذنها برقة ...... لمعت بالدمع عيناها حين مس صوته شغاف قلبها و تسلل بين حناياها و كأنه قطرات ندي رقيقة تُهدئ و تُلطِف من لهفة و لهيب الاشتياق .

رفع ذراعها برفق و لفه حول عنقه ، ثم ضمها إليه بحنان و رفعها من علي الأريكة حاملاً إياها علي ذراعيه و هي لازالت غير مصدقة و غير قادرة علي استيعاب ما يحدث ... و آثرت أن تستكين إلي أن ما يحدث هو حلم صاغته لهفتها و أحياه اشتياقها ، و كأنما خافت أن تستعيد تركيزها فتعود إلي واقع لا وجود له فيه .

و لكن علي الرغم من ذلك لم تستطع أن تمنع يدها التي ارتفعت تتحسس وجهه في حنان و تطمئن علي كل ثنية من ثنيات ملامحه و كل تفصيلة صغيرة فيه ....

جاوبها هو بابتسامة شعرت فيها بتجعيدات زوايا فمه تحت أصابعها ، و همس أنفاسه علي باطن كفها و هو يتنفس.... "أحبك " ..

و كأن الكلمة تذوب علي شفتيه كقطعة سكر .. .

ظل واقفاً أمام السرير لحظات و كأنه يضن بها عليه و هو يعلم ألا راحة لها إلا بين ذراعيه ، ثم أنزلها برفق و قبضتها الصغيرة متشبثة به تأبي عليه الابتعاد ... فاستلقي بجانبها و احتضنها بقوة و حنان و استرخت هي تماماً علي صدره ...

سكينته و أمان قربه احتوتها .. حنو ضمته .. عطره و رائحة أنفاسه... تسلل النوم إليها قليلاً قليلاً حتي استولي عليها و غابت عن العالم تماماً.

بعد وقت لا تدري طوله أو قصره .... فتحت عينيها ببطء و أشعة الشمس المتسللة من خلف الستار أشاعت ضوء خفيف في الحجرة ، نظرت بجانبها فلم تجده .....

تذكرت طيفاً مما حدث و لم تستطع أن تحدد أكان حلماً أو حقيقة ... و لم ترد أن تحدد أهو حلم أم حقيقة ... أغلقت عينيها علي صورته .. و صدي صوته يتردد في أذنها ... ضمت نفسها إليها لتحتفظ بدفء مشاعرها حبيسة صدرها فلا تهرب .... .

ذهب الألم و اختفي ... هو ليس بعيداً عنها .. ساكن في كل ذرة من كيانها .. متسلل مع أنفاسها ... متناغم مع خفقات قلبها ... هو ليس بعيداً عنها .. أبداً.
 
 

أنثي قبل كل شئ







ليست لدي مشكلة اطلاقا مع أولئك اللاتي لا تجيدن الطبخ ... و أكن كل التقدير لمن خبرنه و أتقنه...
و لكن مشكلتي الحقيقية مع اللاتي يحسبن عدم اجادتهن أو قدرتهن علي الطبخ هو من قبيل الأنوثة و الغنج... و كأنما فخر لها أن تتباهي بأنها لا تجيد سوي اعداد كوب الشاي و أنها تكره رائحة المطبخ..

عزيزتي…
الأنوثة الحقيقية انما تتجلي في تلك المرأة التي تشع دفئا و حنانا... و تفيض بالرحمة و تعيش سكنا لرجلها...
كيف تدعين الأنوثة و تبحثين عن الحب و أنت تأنفين من العناية بحبيبك...
كيف تسمحين لطعام أن تعده غير يداك .. أن تحتضنه غير راحتيك .. أن تختلط به أنفاس غير أنفاسك .. 
و أنت عالمة أن كل لقمة منه ستتشبع بأنفاسه ... ستمر بجوفه .. و تسري في دمائه .. ستختلط بعظمه و لحمه و تضخ الدم إلي قلبه الذي يحبك ..
كيف تكونين أنثي حقيقية دون أن يكون كل ما يصدر منك من أفعال مشبع بالحب .. معطر برائحتك.. محاط بعنايتك و اهتمامك بأدق التفاصيل..
نعم .. ديناً و شرعا .. أنت لست مطالبة بذلك .. هذا حقيقي ..
و لكن حبا و حنوا و عناية و اهتمام .. أنت مطالبة بأكثر من ذلك .. 
أنت مطالبة بأن تكون راحته قرة عينك .. و أولي أولياتك ..
أنت مطالبة بالدفء .. الدفء الذي سوف يشع نورا في جنبات صدره و يلطف ضيقه و يحتوي حزنه ...
الدفء الذي لن يجده إلا بين ذراعيك و في كل ما تمسه راحتيك .. دفء لن تستطيع توفيره إلا امرأة حقيقية...
ربما سيصفق لكلامي الرجال و لكنها الحقيقة ...
اذا كنت تبحثين عن رجل حقيقي .. فكوني أولا أنثي .. و قبل كل شئ