حدوتة حقيقية








في زمن بعيد بعيد منذ آلاف السنين .. علي متن مركب خشبية ضعيفة البنيان، وقف رجلان يبدو علي سيماهما الوقور بين الحمالين و الشيالين و التجار و المسافرين الذي ضاق بهم المكان ..
ظلا يتطلعان في سكون نحو الافق و كل منهم مشغول بما جال بفكره و حيره ...
انتبها من تفكيرهما علي تحرك المركب بعتاده و ناسه .. فابتسم الأول (ذا الشعر الأسود) و قال للثاني (ذا الشعر الابيض) :
- أنا حقا متحمس لبدء الرحلة
بابتسامة صغيرة جاوبه :
- بالتأكيد
كان قليل الكلام تبدو عليه الهيبة و الحكمة ..


أخذ المركب يبتعد عن الشاطئ رويدا رويدا .. حتي اختفت كل المعالم و أحاط بهم البحر من كل مكان ...
بحر واسع .. عميق .. مخيف .. بلا بداية و لا نهاية .. و كأنه امتداد السماء الواسعة ..
وقف (ذا الشعر الأسود) على حافة المركب متطلعا إلى الأفق و متسائلا عن مصيره في هذه الرحلة العجيبة ..
زاغ بصره مع الأمواج المتتابعة خلف السفينة و شعر بالدوار .. فآثر الابتعاد عن الحافة

نظر حوله و ، انتبه لغياب (ذا الشعر الأبيض) عن ناظره ..
تعجب في نفسه و أخذ يبحث عنه في كل مكان علي سطح المركب .. لكن دون أثر كانما تبخر ..


صار يسأل البحارة و المسافرين .. لا لم يره أحد !!
هل تركه وحده ؟ 
تجاهل هذا الهاجس السخيف الذي لا معنى له .. فأين سيذهب في هذا البحر الشاسع ..


ظل يحاور مخابئ السفينة حتي وجده قابع في ركن خفي و بيده قطعة حديد قوية ..
اقترب منه في وجل .. و نظر من وراءه فوجد ثقبا كبيرا في أرضية المركب و البحر يبدو من تحتها مخيفا .. عميقا ... تتناثر أمواجه بشدة و عنف .. يبدو مستعدا لابتلاع من تسول له نفسه الاقتراب !


"قال بفزع لا إرادي  .. ماذا تفعل ؟؟ اتريد أن تغرقنا ؟؟"

أشار إليه (ذا الشعر الابيض) بإشارة علي فمه ألا يحدث صوتا ..
ثم قال في خفوت ..
"تذكر الشرط الذي التزمت به .."


نعم ... الشرط .. و ياله من شرط صعب .. و كيف له أن يلتزم به بعد ما رآه !

اضطر ذا الشعر الأسود أن يسكت علي مضض و قد ثار به القلق و أصبح لا يستقر في مكان و هو من حين لآخر يتخيل نفسه غريق في هذا البحر الواسع المخيف . إلي أن اذن الله بوصول المركب بالسلامة للميناء التالي ..

سارع بالنزول حامدا الله علي السلامة و الستر .. و إن كان مهموما لأولئك المساكين الذين خربت سفينتهم .. و حدثته نفسه أن يحذرهم خوفا من أن ينال منهم الغرق في رحلة مقبلة .. لكن نظرة إلى "ذا الشعر الأبيض" جعلته يغلق فمه و يتذكر الشرط الذي التزم به.


مشي الصاحبان و ظلا يتوغلان في المسير حتي دخلا غابة كثيفة الاشجار، محملة بالثمار من كل شكل و لون ..

و ما إن مشيا فيها بضعة أمتار حتى نسى ذا الشعر الأسود ما كان من قلقه من السفينة .. بل نسى نفسه و اسمه من جمال المنظر الخلاب ...
انبهار غير طبيعي بالطبيعة النضرة .. و صوت خرير المياه في جداول صغيرة بينما العصافير تزقزق في خفوت و روعة ..

توقف قليلا أمام عصفور جميل أصفر اللون .. غناءه لا مثيل له ..
كان مبهورا به حقا .. داعب رأسه باصبعه مبتسما .. ثم التفت ليتابع سيره .. فلم يجد أمامه (ذا الشعر الابيض) .. 

شعر بالقلق يساوره و يوقظه من سبات الانبهار بالجمال .. فجوة من القلق انفتحت في قلبه .. آخر مرة غاب فيها الرجل عن عينيه .. وجد فيها مصيبة! 

تقفي أثره  بصعوبة  حتي سمع صوتا خلف شجرة ضخمة .. ثم لمح ظله محنيا على الأرض ..


التف حول الشجرة فوجد (ذا الشعر الابيض) يحفر في الارض حفرة واسعة و أمامه غلام صغير أبيض البشرة .. ناعم الشعر .. جميل كالملائكة .. حاول أن يقترب منه .. فوجده "ميت" .. "مقتول"


ارتد (ذا الشعر الاسود) للوراء في فزع و حدق فيه كأنه مجنون .. ثم صرخ قائلا ..
"أجننت .. كيف تقتل غلام صغير مثله ؟؟ يا إلهي .؟ أي وحش يسكنك .. يا الهي .. يا الهي !!" 


اشار إليه (ذا الشعر الابيض) بنفس الاشارة التي جاوبه بها في السفينة .. ثم قال بهدوء قاتل ..
" هذه آخر مرة أذكرك فيها بالشرط الذي التزمت به"

اضطر (ذا الشعر الاسود) أن يصمت تماما و قد صار لا يعرف ماذا يفعل ..

أعتصر الحزن و الألم  قلبه علي الصغير الذي فارق الحياة .. يا الهي .. أى وحش يصاحبه .. ذلك الذي تخول له نفسه أن يقتل صبيا صغيرا لا ذنب له .. 

أكمل باقي الطريق ساهم لا ينطق .. و هو يجر قدماه جرا ..

و فيما هما خارجان من الغابة رأي من بعيد سيدة تجري بفزع منادية علي طفلها و زوجها أمامها يبحث في كل مكان بمنتهي الانفعال و القلق ..
انقبض قلبه و اعتصره الألم .. و قد خمن أنهما والدا الطفل الصغير ..

ظلا يمشيان في سكون حتي وصلا إلي قرية صغيرة في مكان نائي .. كان التعب قد استبد بهما و لم يتوقفا عن المضي منذ الصباح ..
كانا جائعين و متعبين ..
فدقا أول باب قابلهما طالبين شربة ماء أو كسرة خبز ..
فلم يفتح لهما أحد ... فقال (ذا الشعر الأسود) ..
"لعل ليس به أحد !"
ثم صارا يتنقلان بين أبواب البيوت دون أمل .. فبين من يغلق الأبواب في وجهيهما .. و بين من يدعي أنه غير موجود ببيته .. و من يشيح بوجهه عنهما ..
حتي انتهي بهما المسير إلي ظل حائط مائل .. استراحا إليه بعض الوقت ..
ثم قام (ذا الشعر الابيض) و بدأ بهمة يعمل علي إقامة الحائط المائل و التشديد علي بنيانه و تقويته ..
فصاح به (ذا الشعر الاسود) في استنكار ..
"كان بإمكاننا أن نأخذ عن عملك هذا أجرا نشتري به شربة ماء أو بعض الطعام !!"

هذه المرة لم يرد عليه ذا الشعر الابيض و أكمل عمله ..
ثم ما انتهي حتي أخذه من يده و سارا بعض الوقت حتي وصلا مكان مأهول ..

ثم قال (ذا الشعر الابيض) ...

"هذه نهاية رحلتنا سويا .. لكن قبل أن تذهب .. اعلم أني ما خرقت السفينة لنغرق .. و لكن لأني أردت حماية أصحابها الفقراء من بطش ملك المدينة التي نزلنا بها لكي يعزف عن الاستيلاء علي سفينتهم حين يجد بها عيبا ..

و أني قتلت الغلام لأنه كان سيكبر ليصبح  مفسد عظيم في الأرض، عاق لأهله معذبا لهم بسلوكه الفاجر .. و عسي الله أن يبدلهم خيرا منه ..

و أني لم أطلب مقابلا لترميم الحائط .. لأني لم ارد لأهل القرية أن يعلموا عنه شيئا لأن وراءه كنز عظيم لأحد أهلها الطيبين .. و قد مات و ولداه صغيران .. و أردت أن أحفظ لهما كنزهما حتي يكبرا و يجداه و يستفيدا منه ..

و ما فعلت ذلك من نفسي .. لكنها كانت اوامر الله و وحيه الذي أمرني بذلك فامتثلت .."

بالتأكيد عرفتم ماهية الحدوتة .. الحدوتة الحقيقية التي دائما ما قرأتها بعين الرواية و مشاعر الابطال و أنا اري سيدنا موسي يسير مع الخضر عليه السلام ثم يفزع لرؤية ثقب السفينة و الغلام الميت و يستنكر ترميم حائط المدينة الجاحدة ..


لكن الحقيقة الاكيدة أننا كلنا نعاني من مشكلة سيدنا موسي .. أننا لا نري إلا الحاضر و الآن .. لا نثق بما فيه الكفاية أن الشر الأعظم الذي قد يتجسد يوما أمام أعيننا فنقول هو الأذي الذي ليس بعده اذي .. قد يكون في حقيقته عين الخير و أحسن ما حدث لنا علي الاطلاق ..

الحياة مليئة بالمصاعب و المآسي و الزلازل التي تحيل حياتنا جحيما .. لكن ربما الله في هذه اللحظة يأمر جندي من جنوده بأمر فيه خير عظيم لنا و نحن لا ندري و نستنكر ..
بل ربما كان سيدنا الخضر موجود في زماننا هذا .. من يدري ! ما يعلم جنود ربك إلا هو ..

إن هذه الحدوتة الحقيقية لكفيلة بأن تمنحنا حتي آخر لحظة من عمرنا .. الاطمئنان الكافي و راحة البال .
ثقوا بالله :)


مستنية آرائكم
:)

الجميلة







الساعة السابعة مساء في صيف أغسطس ...
الشارع ملئ بالغادين و الرائحين .. و هي بمفردها تمشي محتضنة حقيبة يدها ..
سمراء رشيقة القد .. رائعة الجمال ..
وجه هادئ لكن تقطيبة صغيرة في جبينها تكشف عن توترها ..

"إيه يا قمر .. الجميل زعلان ليه .. دا انتي حتي ****"

تزداد التقطيبة مقدارا ... ها قد بدأت المعاناة اليومية ...

تنهيدة عميقة مفتعلة تعقبها ضحكة عريضة مختلطة بجملة " أموت أنا في الأسمراني"

تأخذ نفسا عميقا في محاولة للسيطرة علي أعصابها و هي تتجاهل ما ينهال علي أذنيها من العبارات السافلة ..

أعصابها حقا مرهقة .. أصبح الشارع مغامرة لا تدري عواقبها ..
لا تأمن المشي باطمئنان .. و لا تسلم العودة بأمان ..

خطواتها سريعة و خيالاتها المؤرقة تلاحقها ...
توقف أحدهم أمامها فجأة .. فتراجعت للوراء
ابتسم ساخرا من ردة فعلها الفزعة و ضمة حقيبتها لصدرها ..
ثم قال ... " ما تجيبي حتة "

تجاهلته و حاولت أن تتجاوزه .. فكان لها بالمرصاد مستمتعا بلعبة القط و الفأر التي تشعره بقوته في مواجهة ضعفها ..

تراجعت خطوتان و حاولت أن تعبر الشارع العارم بالبشر دون أن يحرك أحدهم ساكنا نحوها بينما بعض العيون ترقب الموقف ..

قطع عليها الطريق .. و ألقي بعبارة أخري سافلة .. و هو يمد يده إليها كأنما سأم اللعبة ..

تراجعت بفزع ثم بعزم قوتها لطمته في وجهه بحقيبتها ..

"يا بنت ال****"

انطلقت تعدو بكل الرعب الذي استولي عليها .. ظلت تعدو .. و تعدو .. و تعدو ..

التفت إليها بعضهم ضاحكا و بعضهم عابسا .. لكن ايا منهم لم يحرك ساكنا من مكانه كأنما يشاهدون مقطع من فيلم علي التلفاز ..

ظل يجري وراءها بضع دقائق كأنما يستمتع بإثارة فزعها حتي اللحظة الأخيرة ثم تركها تكمل عدو وحدها ..
ظلت تعدو .. و تعدو حتي اقتربت من الشارع الذي تسكن به ..
استندت إلي الحائط و أخذت تلتقط أنفاسها اللاهثة ..
دموع القهر في عينيها جعلتها لا تري أمامها ..
مشت الخطوات الباقية حتي العمارة ببطء .. كأنما تحمل أثقال العالم علي كتفيها ..

صعدت السلم المتهالك بانهيار حتي وصلت إلي باب الشقة ...

التقطت نفس عميق في محاولة للسيطرة علي أعصابها .. و بيد مرتجفة تناولت مفاتيحها و دخلت بلا صوت يذكر ...

ألقت تحية خافتة .. جاوبتها زمجرة من أبوها الذي تأفف من رجوعها المتأخر من عملها ... و بضع كلمات سخيفة عن لزوم الشغل و فاكرة نفسك هتبقي إيه يعني ..

ابتلعت مرارتها و دخلت حجرتها ..
أغلقت الباب .. ظلت ساكنة لم تتحرك خطوة كأنما استهلكت كل طاقة في نفسها ..

دموع تتدفق علي وجهها .. و هي تمضغ ببطء كل القهر و المهانة و المذلة التي تشعر بها ..
لسان أخرس لا يستطيع النطق بما حدث و إلا أخذت نصيبها من السباب حول قلة أدبها .. و لزوم أن تترك عملها الذي تحبه في الحال ..
و يد عاجزة مازالت تمسك بالمفتاح بين اصابعها ..
مرآة طويلة علي الحائط المقابل لها تعكس ألمها بلا هوادة ..

ظل تحدق في نفسها لحظات .. و تمنت لو تمتلك الجرأة الكافية لكي تشوه جمالها هنا و الآن لكي ترتاح للأبد ..

قلبه انخطف








كانت المرة الأول التي يشعر فيها بمثل هذه الحالة من الانخطاف ..
لعله اللفظ الأدق في التعبير عن إحساسه حين يراها .. أو يطل صوتها من بعيد معلنا قدوم موكبها ..
لم يكن لها حضور طبيعي كباقي البنات ..
لا .. كان لها موكب يصاحبها كالأميرات ..
موكب من الحضور و التألق و الجاذبية .. هالة خاصة تشع نورا و بهجة في قلوب الناس .. و لمعة في عينيها كفيلة بأن تهديك صباحا جميلا مهما كانت سيئة ليلة البارحة  ..
انخطف بها فعلا ..
يشهق قلبه كلما تحدثت ..
و تتلعثم حروفه علي شفا كلماتها ..
أحمق كبير هو حين تكون موجودة .. لا يدري .. تفقده كل قدرة علي التصرف كأنما تسحره بتعويذة ما ..
ثم تنسحب روحه من جسده لتنضم لروحها الحلوة الساكنة في عينيها الواسعتين ..
و حين تتحرك .. تنصهر أعصابه فتنة بها و برقتها و أنوثتها الهادئة ..
بمنتهي الاحترام و الثبات تتحرك .. خطوات واسعة كعسكري جيش ..
لكن هيهات .. فائض الأنوثة في ابتسامتها و طلتها كفيل بأن يطغي علي أي تستر تسعي إليه ..

يحبها .. حُسم الأمر .. و وقع قضاء الله في قلبه ..
امتلكت قلبه و لا مناص من التسليم بذلك ..
سيتزوجها .. إنها الطريقة الوحيدة لحفظ ما بقي من روحه الهائمة المعلقة بها ..

سرح بخياله وراء موافقتها بإيماءة حييّة من رأسها الصغير المستدير ..
و ارتعش قلبه لفتنة وجنتيها باحمرار لون السماء وقت الغروب ..
و اكتحال عينيه بتأمل ملامحها المكللة بليل شعرها الأسود المحيط بجبينها الوضاء ..
ثم طار وراء آماله منتشيا حين رآها تسير بفستان أبيض رائع و تاج ماسي توج جمالها الآسر ..
تسير متمهلة نحوه .. مازال منخطفا بها كأول لحظة رآها فيها ..
يقبّل رأسها و يتسلم يدها من ابيها و يضمها نحو ساعده ..
الآن اصبحت امرأته .. له وحده ..

تنهد عميقا .. يا لروعة الأحلام ..
سيخبرها اليوم بمشاعره و يطلب مقابلة أهلها ...

بعد هنيهة .. رآها تدخل المكتب بابتسامة ترف على شفتيها ..
الأمور تسير علي ما يرام ... يبدو إنها في مزاج جيد ..
لم يضيّع لحظة واحدة حتي لا يستسلم مجددا لحالة الحماقة التي تنتابه حين يراها ..
توجه إليها بابتسامة عريضة ..
و قبل أن ينطق بكلمة واحدة ... انخطف قلبه .. ملتاعا .. سقط ميتا بين ضلوعه ..
عاد إلي مقعده يجر أذيال الخيبة الذهبية ..
... 
اصبعها الجميل الذي لطالما حلم بتقبيله ..
 استكان لدبلة ذهبية ذبحت حلمه ..

يا ريت في كلمة أكتر من حبيبي






 ستفاجئكم القصة بمضمون شديد التناقض و التناسق علي نحو عجيب مع العنوان .. و لن تسعفكم توقعاتكم في تصنيف القصة من عنوانها فقط ..
لكن لي رجاء صغير .. بين و بينكم ..
إذا كنتم من هواة الحكم علي الآخرين .. لا تزعجوا أنفسكم بقراءتها :)



كان الوقت فجرا بينما جلست هي في حجرتها الصغيرة ..

شباك مفتوح تلعب فيه النسمات بهدوء خشية افساد سكون الليلة الهادئة..

القمر أنار الحجرة المظلمة إلا من عينيها الجميلتين ..

جالسة علي سجادة صلاة ...

تسلل إلي أسماعها صوت راديو ينبعث منه صوت أم كلثوم ..

"شوية إني أقولك يا حبيبي ..

يا ريت فيه كلمة أكتر من حبيبي .."

شملت جسدها قشعريرة قوية ... لا تدري أمصدرها الصوت الحنون ... أم كلمة "حبيبي" ...

أطرقت إلي الأرض بعينين ملونتان بشفافية الدموع التي غامت علي مقلتيها ..

حبيبي .. يا الله يا حبيبي .. يا ريت فيه كلمة أكتر من حبيبي ..

يا رب .. يا حبيبي .. إني أحبك .. و إني أشهدك أني أحبك ..
و إني لا أعلم ما سأقابلك به يوم ألقاك .. لكني أود لو يشفع لي حبي ..

يا حبيبي ..

يارب .. يقولون عني أني أكره القرآن .. لأني أحب الموسيقي ..

يقولون أحسن لي أن أسمع كلامك عن أن اسمع كلام الشيطان ..

تبللت عيناها بالدموع التي أوشكت علي الانهيار ..

يا رب أنا أعشق كلامك .. يارب يا حبيبي

أهم دخلوا في نفسي و نبشوا في قلبي حتي يعرفوا مقدار خشوعي حين استمع لك ..

 الحمد لك أنك وحدك تعلم ما تخفي أنفسنا ..

وحدك تعلم مقدار حبي و شوقي للقائك ..

بدأت لآلئ عينيها تتساقط علي وجنتيها ..

يا رب .. يقولون إني مذنبة لأني أكشف عن وجهي ..

لأني أخرج من بيتي .. لأني اترك شعري طليقا .. حتي و لو كانت واسعةُ ثيابي .. حتي لو كنت أخشاك و أرقب رضاك في كل خطوة أخطوها ..

يا رب يقولون اني سأحرق حية .. لأني أحببت ..

لأني أحبه ..

و ماذا بيدي إن كنت سبحانك ألقيت محبته في قلبي رغما عني ..

يقولون أن النار ستلتهمني لأني أكلمه .. أو أتصبر بضحكتين معه ..

يا رب يقولون أن قلبي عاصي لأني أتمني أن أقبّله ..

و أحنو عليه و أحتضنه ..

يارب أليس لهذا شرعت لنا الزواج ..!

و ماذا أفعل إذا كانوا يقولون أن شريعتك لن ينالها إلا ذا المال و المقدرة علي متطلباتهم الباهظة ..

يا رب أنا لا أريده فتنة و لا ذنبا استغفر منه ..

أنا أريده زوجا صالحا ألقاك بمحبتي له و تفانيّ في خدمته ..

عاد الراديو بصوت اعلي يقطع مناجاتها و أم كلثوم تتألق ..

" و مهما قلت لك في القلب أكتر .. "

اجهشت بالبكاء أكثر ..

و بين أنفاسها المتقطعة أخذت تكرر ببراءة الأطفال الحزاني ..

يا رب أنا بحبك أوي ..

لا تدعهم يحولوا بيني و بينك .. "

آخر ليلة قبل الفرح







أقفلت باب الحجرة عليها و استلقت علي السرير .. شعور بالتوتر احتل معدتها الصغيرة ..
لم تستطع أن تستقر في مكان واحد ..
قامت من مكانها و أخذت تدور في الحجرة و خيالها سارح في كل ركن فيها ..
احساس غير طبيعي ..
إنها آخر ليلة .. 
آخر ليلة لها علي الاطلاق وحدها ..
و غدا فرحها ..
غدا ستكون معه .. و له 
فكرة غريبة سيطرت عليها .. انها اختارت من بين الستة مليارات نسمة علي الكوكب رجل واحد ستعيش معه ..
و كأنما اكتفت به قصة حب واحدة .. وحيدة .. واقعية 
و أعدمت كل الروايات و القصص و الخيالات الجميلة .. و تمني المستحيل ..
لا فارس أبيض بعد الآن .. 
هو .. فارسها الأبيض الذي سيخرج الآن من اطار الحكاية لينتقل للجزء الذي لم ترويه القصص أبدا .. حين يصحو من نومه .. و حين يغضب و ينزعج .. و يجوع .. و يمرض ..  و حين لا يكون رومانسيا ... و حين يأمر و يحدد و يقرر ..
توقفت لحظة بفزع شكل ملامحها ..
تأملت وجهها في المرآة .. أغمضت عينيها و أخذت نفس عميق ..
ما كل هذه الدراما !!
هذا ليس وقت أعصابها المجنونة و أفكارها الغريبة ..
إنه زوجها الآن و غدا الفرح ..
ينبغي أن تكون في أقصي حالات السعادة ..
لم يتركها شيطان التفكير في حالها .. ماذا لو كنتي اخترتي خطأ .. من أدراكي أنكما بعدما تتزوجا لن يتحول لإنسان آخر .. ربما أنتما علي وفاق الآن لأن بينكما مسافة و "البُعد بيحلّي" .. لكن حينما تكونا وجها لوجه كل يوم ستنشأ مشاكل جديدة بينكما .. قد تكتشفا أنكما مختلفان تماما .. أو قد يصيبكما الملل بعد فترة ..
قطع أفكارها صوت جرس الباب ، أعقبه صوته و زغرودة طويلة من الخادمة ...
"مش وقته خالص صراحة" 
هكذا قالت لنفسها في توتر ..
كانت تشعر بحالة من عدم الاستقرار و الخوف من المستقبل و تخشي أن يشعر بما فيها فيشكك في حبها أو سعادتها بالزواج منه ..
نفس عميق آخر .. لابد أن تتمالك نفسها ..
قضي الامر و الفرح غدا .. هو نصيبها و ليكن ما شاء الله أن يكون ..
خرجت له باستسلام عجيب و كأنها مقبلة علي نهايتها لا بداية حياتها ..
نظرت له بذقنه غير الحليقة استعداد لحلقها في الغد ..  و التعب و الارهاق المتبديان علي ملامحه من اثر تجهيزات الفرح في اليومين الماضيين .. لكنه كان سعيد .. ابتسامته تشي براحة و طمأنينة و سعادة و اقبال ..
جلست بجانبه و أخذ يحكي لها قليلا ثم بهدوء سألها ..
- مالك يا حبيبتي ؟؟
تصنعت ابتسامة زائفة لم تكن ليفوته كذبها و هي تقول ..
- لا عادي تعبانة بس و مرهقة .. إن شاء الله انام كويس و أصحي بكره مروقة ..
أعاد جملته بابتسامة مطمئنة مرددا .. 
- مالك يا حبيبتي :)
لم تستطع ان تخفي اكثر من ذلك فقالت بتردد ...
-ما أنت هتزعل 
- لا مش هازعل 
- والله هتزعل 
تناول يدها بين كفيه و نظر لها مشجعا ، شعرت بدفقة الحنان في لمسته تذيب الحواجز داخلها فاندفعت في الكلام دون تمييز .. حكت له عن كل ما شعرت به و فكرت فيه .. عن خوفها .. عن حيرتها .. عن قلقها من حياتهما معا .. من اختيارها له بكل بساطة ..
قالت كل ما في نفسها باندفاع الأطفال .. ثم شعرت أنها قالت أكثر من اللازم و خافت علي مشاعره فعادت تقول ..
- مش عارفة ... أنا فعلا بحبك .. بس مش عارفة ليه خايفة 
ظل صامتا لحظات ثم قال :
- طيب هسألك حاجة و امشي معايا للآخر .. بس جاوبي بأول حاجة تخطر في بالك
بتردد أومأت برأسها فأكمل ..
- انتِ دلوقتي في اللحظة دي بغض النظر عن المستقبل  حاسة انك بتحبيني ؟
سكتت قليلا ثم قالت ..
- آه و إلا مكنتش قدرت احكيلك كل اللي في نفسي 
- حلو ، طيب لو متجوزتنيش عموما يعني ، كان هيبقي إيه السيناريو الآخر في حياتك ..
- ممم مش عارفة !!
- أقولك أنا .. حاجة من اتنين 
إما إنك كنتي هتتجوزي واحد تاني .. ممكن عن حب و ممكن يكون صالونات .. 
أو ممكن مكونتيش تتجوزي خالص .. صح ؟
- صح ...
- طيب لو كنتي اتجوزتي واحد تاني ، كان هيبقي من غير عيوب ؟
- أكيد لاء !
- طيب .. لو هو عيوبه قليلة أوي في نظرك .. كان هيفضل فيه احتمالات إنكوا تطلعوا مختلفين بعد الجواز و لا كنتي هتبقي متأكدة مية في المية إنكوا متفقين دائما و أبدا ..
سكتت متعجبة ثم قالت:
- لاء أكيد كان هيبقي فيه احتمال إننا نطلع مختلفين 
- و يمكن تتخانقوا برضو ..
- ..... آه 
- طيب السيناريو التاني كان إنك ممكن مع ذلك لو مقابلتنيش و محبتنيش .. متقابليش برضو اي حد تاني تستريحيلوا .. و لا تحبيه .. صح ؟
- صح 
- طيب تفتكري كدا كنتي هتبقي سعيدة بإن مفيش حد يشاركك حياتك و ساعتها يا ستي .. لا فيه خوف من شخص تاني و لا غيره
تاهت في أفكارها لحظات و هو ينظر إليها ثم قالت .. 
- لا مكنتش هبقي سعيدة .. كنت برضو هبقي بدور علي انسان يشاركني حياتي 

- يعني في جميع الأحوال ، سواء اتجوزتيني أو اتجوزتي غيري أو متجوزتيش خالص في احتمالية سعادة و احتمالية نكد و تعاسة ، صح ؟
بدأت تفهم الآن ببطء .. في همس ردت :
- صح ..
بكل الحنو و الدفء في صوته قال لها بصوت هامس و قد رفع وجهها إليه:
-  بصيلي .. كويس :)
أنا حبيبك ..
 انتي تعرفيني كويس .. مش هتتفاجئي بحد جديد بكره ..
و عيوبي انتي عارفاها و عارفاني و خبزاني و حصلتلنا مشاكل من وراها كتير و قدرنا نعديها .. صح ؟

أومأت برأسها في تردد ... فأكمل :
- و مادام كدا كدا كل الاحتمالات التانية فيها فشل و نجاح .. يبقي ثقي فيا و خطي الخطوة دي معايا ..
علي الأقل انتي عارفة إن النجاح هنا طعمه حلو قوي لما نجتمع سوا و احنا بنحب بعض .. و حسيتي أد إيه المشاعر اللي بتجمعنا جميلة و قوية ...
و برضو جربتي الخناق و الزعل و عرفتي تتعاملي معاه .. 
ضحك و هو يكمل ..
- يبقي كدا احتمالات النجاح معايا أعلي من الاحتمالات التانية لأني بحبك و بتحبيني .. 

ابتسمت علي استحياء و قد هدأت مخاوفها كثيرا ، فقام من مكانه و جلس بجانبها .. ثم ضمها لصدره و ربت عليها في حنو بالغ و هو يهمس لها ..
- يا حبيبتي .. كل اختيار هتاخديه هو حياة جديدة .. لكن الفكرة ان الواحد بيحاول يختار أقل احتمالات فشل و أعلي احتمالات نجاح ..
.. و أنا بحبك ..  و بابذل و هابذل أقصي جهدي عشان اسعدك ..

و كأن كل المخاوف التي راودتها اختفت في أمان ضمته و احتواءه .. شعرت كأنها أخيرا آوت إلي وطنها بعد طول غياب ..
لأول مرة تشعر به بهذا القرب .. لأول مرة تغشاها مثل تلك السكينة و الطمأنينة إليه ..
رفعت وجهها إليه و تبسمت ابتسامة جميلة و نظرت له كأنها تنظر إليه من جديد ..
 بامتنان في نفسها لتفهمه .. و احتواءه لخوفها ..
مرت في ذاكرتها .. كل تصرف جميل منه .. و كل كلمة رقيقة ..
شعرت انها الآن بالفعل علي استعداد لحياتها الجديدة ... و علي استعداد لأن تبذل نفسها من أجل إنجاحها و من أجله هو ..
و بتلقائية الطفلة داخلها وجدت نفسها تهمس له ..
- أنا واثقة فيك

مازلت أنتظرك





 
" حبيبي ، مضت فترة طويلة لم أكتب إليك خلالها و لكني الليلة لا أستطيع أن أمنع قلمي من أن يخط لك بشوقه كلمات ربما بدت مبعثرة أو تائهة تماما مثلي بدونك ....
 الليلة ، أشعر بالشوق يحملني إليك فأكاد أري ملامحك و أسمع صوتك و أحس دفء حنوك علي ...
أكاد أري تلك النظرة الجميلة التي ترتسم في عينيك الواسعتين و كأنك تائه في معالم وجهي تبحث عن وطن تسكن فيه ....
لا تنظر إلي هكذا أرجوك ، إنك تجعل الكلمات تذهب من رأسي بلا رجعة و يغشي عقلي سحابة بيضاء هائمة و ضباب وردي جميل يطمس ما بقي لي من وعي قبل أن أذوب في عينيك ... .

لا تطلق تلك التنهيدة الخافتة و كأنك تحاول أن تخبرني بمدي روعة جمالي في عينيك فلا تقدر ، فإنها تشعل لهيباً يذيب جبال الثلج في أعماقي و يطلق فيضان مشاعر في صدري و أنا أكاد لا أحتمل تلك الخفقات السريعة المضطربة لقلب لا يدري مفر منك إلا إليك ....

 أرجوك ، ارحم تلك الحرارة المنبعثة من وجهي و التي لا ينافسها إلا حرارة النظرة التي ترمقني بها الآن .

نظرتَ إلي الأرض و تبسمت و كأنك فهمت ما دار بخلدي و جاش به صدري، ثم عدت ترفع وجهك إليّ و كأنك لا تحتمل أن تبعد عينيك عني طويلا ....

ثم قمت من مكانك إلي حيث لا أدري للحظات و بعدها مست أذني نغمات جميلة ، هادئة ، رقيقة ، ثم وجدت يدك تمتد إلي يدي و ترفعها إلي شفتيك و تطبع قبلة علي أطراف أناملي و تطلبني للرقص، و دون أن أجيب جذبتني برقة و رفعت يدي إلي كتفك و بدأت تتمايل علي وقع نغمات بدت و كأنها صادرة من قلبي المتمايل هائماً في بحور حبك ....

أهواك و أتمني لو أنساك

و أنسي روحي وياك

و إن ضاعت يبقي فداك

لو تنساني   "

رفعت رأسها فجأة عما تكتبه علي صوت باب يفتح ثم وجدت أباها يدخل عليها قائلاً بصوت حازم :

- لقد تأخر الوقت ، حان وقت النوم

ظلت صامتة لحظات و كأنها مازلت غارقة في أحلام اليقظة فأكمل قائلاً :

- هل أنهيت مذاكرتك ؟

أومأت برأسها في خفة و هي تقفل الكراسة الموضوعة أمامها فلانت ملامحه و قال بصوت هادئ :

- تصبحي علي خير

- و حضرتك من أهله

خرج و أغلق الباب وراءه فعادت تفتح الكراسة مرة أخري و أعادت قراءة ما كتبت و ظلت عيناها البريئتان تائهتان قليلاً بين السطور ثم كتبت في آخر الصفحة إلي اليمين ...
 " سأظل أنتظرك إلي أن يأتي يوم لقياك يا من أدميت قلبي انتظاراً "

ابتسمت ابتسامة حزينة و هي تتذكر تلك الأحداث و تلك الكلمات التي كتبتها الطفلة التي كانتها حين أتمت عامها السادس عشر ...
عشر سنوات مضت و هي مازالت تنتظر ...
تنتظر دون أن يلوح في الأفق بارقة أمل.

لماذا لا يعتذر الرجل ؟







لماذا لا يعتذر الرجل ...؟

من فضلك ارجع(ى) للعنوان مرة أخري ..
و دعنا في البداية نفرق بين الرجل .. ذلك الطيب العادي أو الاستثنائي الذي تحبينه أو تتعايشين معه .. و يحبك أو يتعايش معكي ..
ذلك الذي يرضيك حينا و يغضبك أحيانا .. و حين يكون مخطئ لا يقول كلمة "آسف"
و بين شبه الذكر .. الذي لا يفقه شيئا من كلمة رجل سوي الصوت العالي و الاصرار علي المغالاة في الخطأ و مراقبتك و محاسبتك علي كل كبيرة و صغيرة .. الأناني في طلب الراحة .. و الحريص علي أن يحصل علي التقدير الكافي دون أن يقدم أي منه في المقابل ..

لنعد لموضوعنا إذن ..
 عن اعتذار الرجل ..
كثير من النساء يشتكين دائما من ان الرجل لا يعتذر أبدا ..
الحقيقة أن الرجل يعتذر كثيرا لكننا لا ننتبه ..
عزيزتي .. علامة التعجب التي ارتسمت علي وجهك الآن من جملتي ، دعيني أفك طلاسمها لكِ ..

إن رجلك لن يقول لكِ "آسف" ..
لكنه قد يتجاهل الموضوع برمته و يحاول أن يمزح معكِ ..
و ما ستفعلينه في تلك اللحظة أنك ستتجهمين في وجهه و قد لا تردين حتي بابتسامة تاركة إياه يضحك وحده كالأبله علي مزحته ..
إن ما فعلتيه الآن بالنسبة لكِ هو "رد فعل طبيعي علي تجاهله لمشاعرك الغاضبة أو الحزينة"
و لكن بالنسبة له فتجهمك يحمل معني واحد "أنك لم تقبلي اعتذاره"
فمحاولة مرحة من جانبه لتناسي الموضوع برمته هو طريقته في قول أنا آسف ..

نوع آخر من الرجال .. قد يحاول اقناعك بأنها جريمة غير عمدية :)
نوع من النسيان أو عدم الانتباه ..
برغم يقينك الداخلي أنه لو كان أعطي الأمر بعضا من وقته لكان تذكر أو انتبه..
لكن اصرارك علي ذكر ذلك له .. لن يغير من أقواله شيئا و كل ما سيصل إليه الأمر هو "خناقة" أكبر من اللزوم لأنه سيعتبر أن رد فعلك هو أنك "لم تقبلي اعتذاره" ..

نوع ثالث إذا قررت أن تعاتبيه سيحاول اغلاق الموضوع سريعا سريعا .. و يخبرك أنه سيحاول المرة القادمة ألا يفعل ذلك ..
و بالطبع ذلك سيثير غيظك كثيرا لأنك تشعرين أن تنازلتي عن كرامتك بأن فتحتي الموضوع أولا .. و أردت أن تتحدثي عن مشاعرك و قوبلتي بهذه "القفلة المتينة" ..
لكن ما حدث حقا .. أنه يشعر أنه مخطئ .. و هذا يخل برجولته في نظر نفسه .. فهو يشعر بعدم الارتياح حين تتحدثين في الأمر و يكره كيل الاتهامات لقدرته علي تفهمك و احتواءك ..

عزيزتي ..
هذه الطرق و غيرها كثير تمثل طريقة الرجل في الدفاع عن كبرياؤه بأن يعتذر دون ان ينطق كلمة "آسف" ..
و قد تعتقدين أنها شفرة عجيبة و غريبة و تستنكرين قدرتك علي الالمام بها أو حتي تقبلها ..
لكن دعيني أقول لكِ شيئا بيني و بينك ..
أن قلبك دائما يعرف .. ذلك الترمومتر الحساس داخلك الذي يدرك جيدا أن رجلك يعرف أنه أخطأ .. لا يكذب أبدا ..
فمتي تحرك مؤشر حساسيتك نحو صدقه في الاحساس بالخطأ .. تقبليه ..و لا تنفري من طريقته في الاعتذار ..
تقبليه .. وفري له من المسامحة و الغفران و الصفح ما يكفي لكي يشعر بالأريحية التي تجعله في المرة القادمة لن يخجل أن يبدو أمامك في أضعف حالاته قائلا كلمة بسيطة مثل .. "آسف "
إن الزوجة و الحبيبة لكي تستطيع أن تحيا عليها أن تمتلك ذكاء استثنائي و أمومة فطرية حنونة و كثيييييير من حسن النية في التعامل مع ألاعيب رجلها حين يخطئ ..

أحبيه حقا .. و دلليه كطفلك الأول ..
تعلمي أن تغضي الطرف عن الهفوات و الأخطاء ... تعلمي شفرته الخاصة في الاعتذار لكي تريحي نفسك قبل أن تريحيه هو ..
ستربحينه حتما بتقبلك له و لأخطائه .. إن الرجال ينفرون من المحاسبة .. فكوني له صك العفو الذي يبحث فيه عن أمانه دائما ..

و كلمة أخيرة بيني و بين الرجال .. إن المرأة مهما غضت الطرف و سامحت لا تستطيع أن تبقي الكلمات العارمة داخلها دون أن تطلقها في الفضاء و إلا اختنقت بها و ماتت ..
فتعلموا الصبر قليلا .. و فضيلة الاستماع ..
و اعلموا أن ضمة حنونة .. فيها من التقدير و الاحتواء و التفهم ما يغني عن ألف كلمة "آسف"