الموت يحسن الأخلاق





إن حياتنا الحقيقية تتكون من لحظات .. لحظات تكون مضيئة بما يكفي ليظل نورها ساطع في ذاكرتنا للأبد .. 
لحظات تكشف لنا عمق أنفسنا و صدق مشاعرنا ...
لحظات تجلي زيف كثير مما نصدقه عن أنفسنا .. و صدق كثير مما كنا نعتقد أننا فقط ندعيه ...
 " و لو أنك علمت أنك ستموت أو سأموت بنهاية هذا الأسبوع  و لن نري بعضنا مجددا .. ؟ "

قاسية كلماتي ... ربما .. إن أكثر اللحظات حقيقة و  واقعية غالبا تكون أشدها قسوة علي النفس ...
ربما أول رد فعل طبيعي أن تلمع في العين لمعة الدموع .. تري لماذا ... ؟ 
أهو حزن علي ترك الدنيا أم خوف طفولي من مجهول لا يعود منه أحد ليحكي لنا ما رآه ...
أهو حزن علي أنفسنا أو علي وحدتنا هناك دون أحبابنا الذين سيظلوا هنا .. أم علي وحدتهم بعدنا ..
تري هل سيشتعل فينا سخط .. أم سنتقبل الأمر في استكانة .. 
هل سنبكي علي الأحلام التي لم نحققها .. و الحب الذي لم ننل نشوته .. و العمر الباقي الذي لن نحياه .. 

هل سنتساءل عن عبث أن نأتي قصيرا هكذا ثم نذهب ...
كم نحن حمقي .. أولم نأتي أصلا لكي نذهب .. 
من قال أنا باقين ! ألفارق كله يكمن فيما لو عرفنا متي سيكون الرحيل .. !
سيطوف بخاطرنا أحبابنا .. لم يعد باقي الكثير .. 
سنخبرهم كم نحبهم و كم يعنون لنا .. سنسامحهم علي تلك التي كنا نحسبها خطاياهم و الآن تبدو لنا تافهة صغيرة بجانب جلل الفراق و رحلة المجهول .. 
سنضحك معهم آخر الضحكات إن بقيت ضحكات و نذرف في أحضانهم آخر دموعنا و ندرك كم كنا أغبياء حين حسبنا أن العمر يكفي لكي نغضب و نقسو ثم نسامح حين يحلو لنا ..

سنتذكر أعدائنا .. أولئك الذين آذونا مر الايذاء .. ستطوف بأنفسنا طاقة تسامح نورانية تجعلنا نرغب في ألا نركب قطار الموت إلا و نحن أنقياء داخلنا .. فنسامحهم صادقين في مسامحتنا و نخبرهم أننا اكتشفنا أن الأمر فعلا لم يكن يستحق ...
و فجأة تشعر في لحظة أن الموت يحسن الأخلاق ... و يزيل أوهام خيالاتنا .. و يعيد الأشياء لحقيقتها .. 

في لحظة ندرك كم تبدو حياتنا تافهة و قصيرة .. سنتذكر فقط تلك اللحظات الحقيقة التي أضئنا فيها حياة من حولنا بكلمة أو ابتسامة أو احساس سعادة خلقناه في أنفسهم ... 
سيتكشف لنا كم هو حقيقي أن حياتنا ستستمر بعدما نرحل في أرواح أولئك الذي أعطيناهم من أرواحنا هبات السعادة و الحب و لحظات الصفاء ... 

و فجأة ..

 لن يبدو أمر ذهابنا بهذا السوء و سنبدأ نحن نشد من أزرهم بدلا من أن يشدو هم من أزرنا و سيتعجبون لصلابتنا .. 
و لن يدركوا أنها ليست صلابة .. 

و لكنا فقط رأينا الحقيقة بلا رتوش ... لأنا نحن من مررنا باللحظة الحقيقة التي أدركنا فيها أنها كانت حماقة حقيقية حين صدقنا الحقيقة المطلقة التي عشناها ...
 أننا سنحيا لنري الغد.




الكاتبه || هـنـد حنفى ||

اترك خلفك كل شئ .. و اسمح لخيالك أن يتنفس .. اغلق عينيك .. تجاهل صخب الحياة .. احلم و ابدع و ابتكر .. و عش "هندي" .. من عالم آخر .. أنا هندية .. هند حنفي