أنت لست مجبرا أن تسمعني






هناك نظرية تقول ببساطة ..

أنه عندما أتحدث إليك الآن في هذه اللحظة ..

"انت لست مجبرا أن تسمعني"

بإمكاني أن أملأ الدنيا حديثا و كتابة ، شرحا و كلاما مستفيضا ، بل عويلا و صراخا ..

و بإمكانك بسهولة أن تصم أذنيك عني ، أن تغمض عينيك و تخطف قيلولة صغيرة فيم أنهي كلامي أو تستكمل حديثا هامسا بينما أشرح قصدي ..

مهما كان كلامي مهما، مهما كانت القيم التي أدعو إليها سامية و نبيلة ، بل حتي لو كانت الفكرة التي أريد توصيلها إليك يتوقف عليها مصير البشرية ..
 بيدك دائما أن تختار ألا تسمعني .

إن نبل الغاية و سلامة المقصد لا يغفران للمتحدث أو الكاتب جهله بالطريقة المثلي لجذب من أمامه.

إن المدرس الذي يكتفي بأن يعطي دروسا و واجبات و يأمر تلاميذه أن يملأوا الصفحات ترديدا لما في الدرس عشرات المرات، إنما يعطيهم عذرا أكبر لكي يتهامسوا من وراءه و يتقاذفوا الطائرات الورقية ملئاً للفراغ الذي يتركه في أنفسهم حين يتحدث
 و هو بالتأكيد السبب الرئيسي وراء نسيانهم كل ما جعلهم يحفظونه عشرات المرات بمجرد أن ينهوا الامتحان.

و المحاضر الذي يكتفي بأن يجلس إلي مكتبه و يفتح كتابا بين يديه أو بعض الأوراق ليقرأ منها بصوت رتيب خال من الحياة سطور ميتة يلقيها علي مسامعنا...
يعلم جيداً أن بإمكاننا أن نقرأها وحدنا .. متكئين علي أسرتنا في حجرة جميلة ..
مكيف يعمل علي أقصاه و كوب شاي تفوح منه رائحة النعناع العطرة لهو بالتأكيد مشجع علي الجلوس في البيت أكثر بكثير من أن نجلس أمامه ليقرأ لنا كأطفال الروضة !

مهما كانت الدروس التي يلقيها المدرس مهمة و نافعة و مهما كان العلم الذي يحمله المحاضر قيما، فإن علي كل منهما أن يدرك جيدا أنه يجب أن يكون ما يقوله جذابا بما يكفي لكي يجعلني أستمع إليه و أفضله علي غيره من وسائل المعرفة التي أصبحت في متناول الجميع في العالم الذي نعيشه اليوم.

لا تتكلم عن فشل الطلبة و عدم اصغائهم .. لكن تكلم عن اهمال المحاضر و قلة مجهوده في توصيل المعلومة ..

يجب أن يدرك المعلم، سواء كان مدرس أو محاضر ، أن مهمته اليوم أصبحت أكثر صعوبة و أثقل وطأة من معلم الأمس الذي كان ينفرد بكونه مصدر المعلومة الوحيدة.

فالعيب كل العيب علي من يلقي لا علي من يتلقي...

فمن يلقي يحمل مهمة مقدسة عليه أن يسعي لها بكل جهده و لو اقتضي الأمر أن يتحول بهلوانا أو ساحر إذا كان ذلك سيؤدي لترسيخ الفكرة الناضجة و العلم الحقيقي في أذهان من يلقي عليهم.

إن علي المعلم أن يدرك أننا دائما نملك اختيار ألا نسمع و أن مهمته الأساسية ...

" أن يجعلنا نسمتع لما لديه"
 
 





الكاتبه || هـنـد حنفى ||

اترك خلفك كل شئ .. و اسمح لخيالك أن يتنفس .. اغلق عينيك .. تجاهل صخب الحياة .. احلم و ابدع و ابتكر .. و عش "هندي" .. من عالم آخر .. أنا هندية .. هند حنفي