كبرنا !!





فجأة !
نكتشف اننا حقا كبرنا ..
ننظر خلفنا و نشعر أن ذلك الزمن الذي كان أكبر ما يقلقنا فيه أننا لم نحل الواجب أو نحفظ النص صار بعيدا بعيدا و كأننا لم نحياه حقا ..
كأنه كان حلما و انتهي ..
تلك السعادة التي كانت تغمرنا حين نحصل علي بضع جنيهات زيادة تؤمن لنا كيس أكبر و أكثر تنوعا من الحلوي ..
بهجة الحقيبة التي نجرها وراءنا علي عجلات لئلا نضطر لحملها ..
 الزمزمية الجديدة ..
جرس الفسحة ..
حصة فاضية ..
حصة ألعاب ...
ثم نكبر قليلا و نعرف متعة التزويغ ..
ثم مشوار " التلكعة" الطويل إلي الفصل الذي غالبا ما كان ينتهي بغضب المدرسين و ضحكاتنا المكتومة ..
كنا نشعر وقتها أننا صرنا أكبر من أن نخاف منهم ..
و تمرد المراهقة يدفعنا خفية أحيانا لأن نخالف أوامرهم عمدا لنحظي بمتعة ضحكاتنا المكتومة التي تؤكد أنا لم  يعد يهمنا الأمر ..
ثم أول مرة نخطو فيها داخل الجامعة ..
شعور لذيذ .. ممتع .. كأنك حققت شيئا كبيرا و مهما بأن دخلت هنا ..
طموحات تناطح السحاب بأنا سنفعل و سنفعل ..
تركيز في أول محاضرة أو مشاغبة اثبات الذات ..
ثم نبدأ قليلا قليلا ندرك أن الأمر ليس كما نتصور ..
رويدا رويدا ..
نهتم بالملغي أكثر من المقرر ..
نفرح بمن يعطينا الأسئلة .. و ننأي عمن يعلمنا إجاباتها ...
و تعدو السنين بنا نلهث وراء النجاح ..
ما بين قلق الامتحانات و توتر انتظار النتيجة ..
فرحة غير متوقعة .. أو خيبات أمل لم ننتظرها ..
و العنصر المشترك أن النتيجة دائما غير متوقعة ..
و نبدأ نعاملها بنفس منطق الكبار عن الزواج ..
كله نصيب .. و كأن العلاقة انتفت بينها و بين المجهود بصورة ما ..
و برغم كل ذلك ..
برغم كل الأحلام الضائعة .. و الآمال المتروكة
نكون أجمل صداقاتنا و أبقاها ..
نختلس لحظات ضحك تنقش في ذاكرتنا ..
تصرفات متهورة و أحيانا مجنونة  ..
أفكار كثيرة تتغير .. ثم تتغير .. ثم تعود لتتغير ثالثا و رابعا ..
لأنا ببساطة نكتشف أنا تعلمنا التفكير ..
و تعلمنا الكثير ..
و في لحظة ...
نقلب في صورنا القديمة ..
ننظر إلي وجوهنا التي كانت .. بريئة
نمسح التراب عن نقش الذكريات في أذهاننا ..
لحظة .. نكتشف فيها فجأة ..
أننا حقا كبرنا !!





الكاتبه || هـنـد حنفى ||

اترك خلفك كل شئ .. و اسمح لخيالك أن يتنفس .. اغلق عينيك .. تجاهل صخب الحياة .. احلم و ابدع و ابتكر .. و عش "هندي" .. من عالم آخر .. أنا هندية .. هند حنفي