مازلت أنتظرك





 
" حبيبي ، مضت فترة طويلة لم أكتب إليك خلالها و لكني الليلة لا أستطيع أن أمنع قلمي من أن يخط لك بشوقه كلمات ربما بدت مبعثرة أو تائهة تماما مثلي بدونك ....
 الليلة ، أشعر بالشوق يحملني إليك فأكاد أري ملامحك و أسمع صوتك و أحس دفء حنوك علي ...
أكاد أري تلك النظرة الجميلة التي ترتسم في عينيك الواسعتين و كأنك تائه في معالم وجهي تبحث عن وطن تسكن فيه ....
لا تنظر إلي هكذا أرجوك ، إنك تجعل الكلمات تذهب من رأسي بلا رجعة و يغشي عقلي سحابة بيضاء هائمة و ضباب وردي جميل يطمس ما بقي لي من وعي قبل أن أذوب في عينيك ... .

لا تطلق تلك التنهيدة الخافتة و كأنك تحاول أن تخبرني بمدي روعة جمالي في عينيك فلا تقدر ، فإنها تشعل لهيباً يذيب جبال الثلج في أعماقي و يطلق فيضان مشاعر في صدري و أنا أكاد لا أحتمل تلك الخفقات السريعة المضطربة لقلب لا يدري مفر منك إلا إليك ....

 أرجوك ، ارحم تلك الحرارة المنبعثة من وجهي و التي لا ينافسها إلا حرارة النظرة التي ترمقني بها الآن .

نظرتَ إلي الأرض و تبسمت و كأنك فهمت ما دار بخلدي و جاش به صدري، ثم عدت ترفع وجهك إليّ و كأنك لا تحتمل أن تبعد عينيك عني طويلا ....

ثم قمت من مكانك إلي حيث لا أدري للحظات و بعدها مست أذني نغمات جميلة ، هادئة ، رقيقة ، ثم وجدت يدك تمتد إلي يدي و ترفعها إلي شفتيك و تطبع قبلة علي أطراف أناملي و تطلبني للرقص، و دون أن أجيب جذبتني برقة و رفعت يدي إلي كتفك و بدأت تتمايل علي وقع نغمات بدت و كأنها صادرة من قلبي المتمايل هائماً في بحور حبك ....

أهواك و أتمني لو أنساك

و أنسي روحي وياك

و إن ضاعت يبقي فداك

لو تنساني   "

رفعت رأسها فجأة عما تكتبه علي صوت باب يفتح ثم وجدت أباها يدخل عليها قائلاً بصوت حازم :

- لقد تأخر الوقت ، حان وقت النوم

ظلت صامتة لحظات و كأنها مازلت غارقة في أحلام اليقظة فأكمل قائلاً :

- هل أنهيت مذاكرتك ؟

أومأت برأسها في خفة و هي تقفل الكراسة الموضوعة أمامها فلانت ملامحه و قال بصوت هادئ :

- تصبحي علي خير

- و حضرتك من أهله

خرج و أغلق الباب وراءه فعادت تفتح الكراسة مرة أخري و أعادت قراءة ما كتبت و ظلت عيناها البريئتان تائهتان قليلاً بين السطور ثم كتبت في آخر الصفحة إلي اليمين ...
 " سأظل أنتظرك إلي أن يأتي يوم لقياك يا من أدميت قلبي انتظاراً "

ابتسمت ابتسامة حزينة و هي تتذكر تلك الأحداث و تلك الكلمات التي كتبتها الطفلة التي كانتها حين أتمت عامها السادس عشر ...
عشر سنوات مضت و هي مازالت تنتظر ...
تنتظر دون أن يلوح في الأفق بارقة أمل.




الكاتبه || هـنـد حنفى ||

اترك خلفك كل شئ .. و اسمح لخيالك أن يتنفس .. اغلق عينيك .. تجاهل صخب الحياة .. احلم و ابدع و ابتكر .. و عش "هندي" .. من عالم آخر .. أنا هندية .. هند حنفي