الفرصة الأخيرة






راقبها من بعيد و هي تجتاز القاعة بأناقة و كبرياء ملكة ...
و فستانها الأبيض ينسحب علي الأرضية وراءها و كأنما يترك نتفا من ثلج ...
فيها شئ يذكره بالشتاء ...
نفث دخان سيجارته و أخذ يراقبها من بين الدخان المتصاعد في متعة ..
متعة سيجارته المشتعلة و احتمالية قصة جديدة تشوق لها قلمه ...
عنق مرمري يزين كتفيها الانسيابين في أنوثة تكشف عن نفسها بلا موارابة ...
جلست علي مقربة منه ...
كان بعيدا بما يكفي لئلا تلاحظه ...
و قريبا بما يكفي ليلاحظ تفاصيلها ...
في عينيها شئ يثير الشجن ...
و انحناءاتها تشي بصقيع  فراغ عاطفي يبحث عن دفء الاحتواء ...
بأصابعها الطويلة الرقيقة تناولت كأس العصير بهدوء يخدع أي عين ...
إلا عينيه الخبيرة التي التقطت ارتجافة شملت أطرافها لثانية ...
أخذ نفسا أعمق من سيجارته التي التصقت بأصابعه ...
و كأنما تترقب مع صاحبها الحركة التالية منها ...
ظلت ساكنة مصوبة بصرها تجاه الباب ...
و مع كل انفراجة ضئيلة تشرئب في أمل ...
ثم تعود لتستكين في خيبة ...
ظل يرقب معها القادمين و يخمن أيهم تنتظره تلك الفاتنة ...
ثم رنة خافتة من موبايلها الملقي علي الطاولة ...
تحرك بمقعده قليلا لكي يسمع الحوار في فضول بلغ مبلغه ...
كانت تكلم فتاة أخري ...
صديقتها ربما ... أو أختها ... أيا كانت يبدو من الكلمات أنها تلك التي تحفظ سرها ...
" لم يأتي بعد"
صمت قصير ..
" هذه المرة وعدني أنه لن يخيب أملي "
انزعاج في ارتفاعة حاجبها ... ثم حدة في صوتها ..
" لا .. هذه هي الفرصة الأخيرة "
بصوت خافت سمع بصعوبة ... " كفاني خيبات أمل "
تنهيدة من شفتيها الرقيقتين ..
" سيأتي هذه المرة .. لقد وعدني "
صمت قصير ثم أقفلت ...
ظل معها يرقب قدومه و كأنما من فرط تأملها صار يشاركها الانتظار ...
نصف ساعة ..
ساعة ...
و هي علي ما هي عليه دون حراك ...
و هدوء قاتل يسود ملامحها ...
ثم تناولت حقيبتها في النهاية و غادرت ...
بنتفات الثلج يتركها ثوبها الأبيض ...
كأنما الشتاء اتخذ من روحها موطنا ..
احترقت سيجارته الخامسة حتي النفس الأخير ...
استعد للرحيل ...
ثم شاهد ...
فتي مسرع يسأل الجرسون في جزع عن طاولتها ...
ثم تحول الجزع إلي أحزان محفورة علي جبهته و هو يتمتم ..
قارئا شفتيه ..
كانت الفرصة الأخيرة ..
تنهد في أسي و هو يشاهده يرحل  ..
لماذا نترك الخيبات تتراكم دائما حتي الفرصة الأخيرة




الكاتبه || هـنـد حنفى ||

اترك خلفك كل شئ .. و اسمح لخيالك أن يتنفس .. اغلق عينيك .. تجاهل صخب الحياة .. احلم و ابدع و ابتكر .. و عش "هندي" .. من عالم آخر .. أنا هندية .. هند حنفي